مَنْ هُمْ أَوَّلُ شَعْبٍ اسْتَخْدَمَ العِلْمَ؟
لَعَلَّكَ تَسْأَلُ نَفْسَكَ: مَنْ بَدَأَ طَرِيقَ العِلْمِ؟ الإِجَابَةُ تَأْخُذُكَ إِلَى شُعُوبٍ بَابِلِيَّةٍ وَمِصْرِيَّةٍ قَدِيمَةٍ.
هَؤُلَاءِ سَجَّلُوا مَعْرِفَتَهُمْ عَلَى أَلْوَاحٍ طِينِيَّةٍ وَبَردِيَّاتٍ، فَسَبَقُوا الزَّمَنَ فِي الرَّصْدِ وَالحِسَابِ.
وَأَنْتَ إِذْ تَقْرَأُ هَذِهِ السُّطُورَ، فَتَذَكَّرْ أَنَّ العِلْمَ هُوَ أَقْدَمُ مِيرَاثٍ شَرِيفٍ لِلْبَشَرِ
أَهَمُّ مَا يُمَيِّزُ العُصُورَ الوُسْطَى؟
العُصُورُ الوُسْطَى هِيَ زَمَنٌ تَارِيخِيٌّ بَيْنَ سُقُوطِ رُومَا وَبِدَايَةِ عَصْرِ النَّهْضَةِ، قَارِبَتِ الأَلْفَ سَنَةٍ.
فِي أُورُوبَّا، سَادَتِ الظُّلُمَاتُ وَتَرَاجَعَ العِلْمُ بِسَبَبِ سَيْطَرَةِ الكَنِيسَةِ وَالحُرُوبِ.
لَكِنَّ العَالَمَ الإِسْلَامِيَّ، عَلَى الجَانِبِ الآخَرِ، كَانَ يَشْتَعِلُ نُورًا وَمَعْرِفَةً.
كَيْفَ كَانَ العِلْمُ فِي القَدِيمِ؟
فِي الزَّمَنِ القَدِيمِ، لَمْ تَكُنِ الجَامِعَاتُ وُجُودًا، بَلْ كَانَتِ المَسَاجِدُ وَالمَكْتَبَاتُ مَرَاكِزَ لِلتَّعَلُّمِ.
كَانَ العَالِمُ يَرْحَلُ أَلْفَ مِيلٍ لِيَسْتَمِعَ لِحَدِيثٍ أَوْ لِيَجِدَ كِتَابًا نَادِرًا.
وَكَانَ العِلْمُ عِبَادَةً، يَطْلُبُهَا العُلَمَاءُ بِخُشُوعٍ وَإِخْلَاصٍ.
العِلْمُ فِي أُورُوبَّا خِلَالَ العُصُورِ الوُسْطَى
أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ فِي أُورُوبَّا كَانَ العِلْمُ مَقْيُودًا بِأَغْلَالِ الدِّينِ المُتَشَدِّدِ.
مَنِ اخْتَلَفَ مَعَ الكَنِيسَةِ يُعَذَّبُ أَوْ يُحْرَقُ كَمِثْلِ جَالِيلِي.
وَبِالرَّغْمِ مِنْ ذَلِكَ، بَدَأَتِ الحَرَكَةُ العِلْمِيَّةُ تَنْهَضُ فِي آخِرِ العُصُورِ.
العِلْمُ فِي العَالَمِ الإِسْلَامِيِّ: أَوْجُ نُقْطَةٍ فِي العُصُورِ الوُسْطَى
لَمْ تَكُنِ العُصُورُ الوُسْطَى ظُلْمَاءَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، فَفِي بِلَادِكُمْ الإِسْلَامِيَّةِ كَانَ العِلْمُ فِي أَوْجِهِ.
العُلَمَاءُ كَانُوا يُشَجَّعُونَ، وَالخُلَفَاءُ يَدْعَمُونَ التَّأْلِيفَ وَالتَّرْجَمَةَ.
العِلْمُ كَانَ مِفْتَاحَ القُوَّةِ وَالرِّيَادَةِ فِي تِلْكَ الحِقْبَةِ.
رُوَّادُ العِلْمِ فِي العُصُورِ الوُسْطَى
- ابْنُ سِينَا: وَضَعَ قَوَاعِدَ الطِّبِّ فِي "القَانُونِ"، وَصَارَ مَرْجِعًا لِقُرُونٍ.
- الخَوَارِزْمِي: أَنْتَ تَسْتَخْدِمُ الجَبْرَ؟ إِذًا فَشَكْرًا لَهُ.
- ابْنُ الهَيْثَم: وَضَعَ أُسُسَ المَنْهَجِ العِلْمِيِّ قَبْلَ أُورُوبَّا بِقُرُونٍ.
مَرَاكِزُ العِلْمِ: مِنْ بَغْدَادَ إِلَى الأَنْدَلُسِ
بَيْتُ الحِكْمَةِ فِي بَغْدَادَ كَانَ مَصْدَرًا لِلتَّرْجَمَةِ وَالبَحْثِ.
فِي الأَنْدَلُسِ، كَانَتْ قُرْطُبَةُ مَدِينَةً فَاقَتْ فِي نُورِهَا مَدَائِنَ أُورُوبَّا.
المَكْتَبَاتُ كَانَتْ تَضُمُّ آلَافَ الكُتُبِ وَالمُؤَلَّفَاتِ.
تَأْثِيرُ العِلْمِ الإِسْلَامِيِّ عَلَى أُورُوبَّا
لَا يُمْكِنُ لِلتَّارِيخِ أَنْ يُخْفِيَ الْفَضْلَ، فَالعِلْمُ الإِسْلَامِيُّ هُوَ الَّذِي أَوْقَدَ شُعْلَةَ النَّهْضَةِ.
تُرْجِمَتِ الكُتُبُ إِلَى اللَّاتِينِيَّةِ، وَدَرَسَهَا أَفْضَلُ عُلَمَاءِ أُورُوبَّا.
وَبِذَلِكَ، تَمَّ نَقْلُ الحِكْمَةِ مِنَ الشَّرْقِ إِلَى الغَرْبِ.
لِمَاذَا يَجِبُ عَلَيْكَ أَنْ تَعْرِفَ هَذَا التَّارِيخَ؟
لِأَنَّكَ إِذَا عَرَفْتَ مَجْدَ مَاضِيكَ، أَدْرَكْتَ قُوَّةَ حَاضِرِكَ.
العِلْمُ لَيْسَ حِكْرًا عَلَى أُورُوبَّا، بَلْ كَانَ وَيَزَالُ نُورًا يَنْبَعُ مِنْكُمْ.