📿 فَضْلُ ذِي القَعْدَة: شَهْرُ العِبَادَةِ وَالاسْتِعْدَادِ لِذِي الحِجَّة

مُقَدِّمَةٌ تُلَامِسُ قَلْبَكَ

هَلْ مَرَّ عَلَيْكَ شَهْرٌ جَعَلَكَ تَتَوَقَّفُ، تَتَأَمَّلُ، وَتُرَاجِعُ نَفْسَكَ؟
إِنَّهُ ذُو القَعْدَة، الشَّهْرُ الَّذِي يَسْبِقُ أَعْظَمَ أَيَّامِ الدُّنْيَا، وَيُشْعِلُ فِي قَلْبِكَ شُعْلَةَ التَّوْقِ إِلَى اللهِ.
فِي زَحْمَةِ الْحَيَاةِ، يَأْتِيكَ ذُو القَعْدَة لِيُذَكِّرَكَ بِمَا نَسِيتَ وَيَدْعُوكَ لِلبِدَايَةِ الجَدِيدَة



 مَا هُوَ شَهْرُ ذِي القَعْدَة؟

ذُو القَعْدَةُ هُوَ أَحَدُ أَشْهُرِ السَّنَةِ الهِجْرِيَّةِ، وَيَأْتِي فِي الرُّتْبَةِ الحَادِيَةَ عَشَرَ.
يُعْرَفُ بِأَنَّهُ مِنَ "الأَشْهُرِ الحُرُم" الَّتِي حَرَّمَ اللهُ فِيهَا القِتَالَ وَزَادَ فِيهَا فَضْلَ الأَعْمَالِ.
سُمِّيَ "ذُو القَعْدَة" لِأَنَّ العَرَبَ كَانُوا يَقْعُدُونَ فِيهِ عَنِ القِتَالِ وَالتِّجَارَةِ، فَهُوَ شَهْرُ السَّكِينَةِ وَالطُّمَأْنِينَة.

 ذُو القَعْدَةُ مِنَ الأَشْهُرِ الحُرُم

قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا﴾.
وَذَكَرَ مِنْهَا أَرْبَعَةً حُرُم، مِنْهَا شَهْرُ ذِي القَعْدَة، فَهُوَ مُعَظَّمٌ فِي الشَّرْعِ وَالْقَلْبِ.
فِي هَذَا الشَّهْرِ، تُضَاعَفُ السَّيِّئَاتُ وَتَرْتَفِعُ الحَسَنَاتُ، فَكُنْ حَذِرًا فِي كُلِّ قَوْلٍ وَعَمَل.

 فَضْلُ ذِي القَعْدَةِ فِي السُّنَّةِ النَّبَوِيَّة

ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَدَّى أَكْثَرَ حُجَجِهِ وَعُمْرَاتِهِ فِي ذِي القَعْدَة.
قَالَ جَابِرٌ رضي الله عنه: "أَدَّى النَّبِيُّ ﷺ العُمْرَةَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، كُلُّهُنَّ فِي ذِي القَعْدَة".
فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ شَهْرٌ مَفْتُوحٌ لِلرَّحْمَةِ وَالعِبَادَةِ وَالقُرْبِ مِنَ اللهِ تَعَالَى.

 أَعْمَالٌ مُسْتَحَبَّةٌ فِي ذِي القَعْدَة

  • التَّوْبَةُ النَّصُوح وَكَثْرَةُ الاسْتِغْفَار
  • صِيَامُ الأَيَّامِ البِيض وَالإِثْنَيْنِ وَالخَمِيس
  • قِيَامُ اللَّيْلِ وَقِرَاءَةُ القُرْآنِ بِتَدَبُّر
  • كَثْرَةُ الذِّكْرِ وَالصَّدَقَةِ وَالْإِحْسَان
  • تَنْقِيَةُ القَلْبِ مِنَ الحِقْدِ وَالْغِلِّ وَالْكِبْر

تَذَكَّرْ أَنَّ الأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ فِي ذِي القَعْدَةِ لَيْسَتْ صَغِيرَةً فِي وَزْنِهَا، بَلْ عَظِيمَةٌ فِي مِيزَانِ اللهِ.

 ذُو القَعْدَةُ مِفْتَاحٌ لِذِي الحِجَّة

إِذَا كُنْتَ تُرِيدُ اغْتِنَامَ العَشْرِ الأُوَلِ مِنْ ذِي الحِجَّة، فَذُو القَعْدَةِ هُوَ المِهْيَأ.
فِيهِ تُهَيِّئُ قَلْبَكَ، تُخَفِّفُ ذُنُوبَكَ، وَتَضَعُ خُطَطَكَ لِصِيَامِ عَرَفَة وَقِيَامِ اللَّيَالِي المُبَارَكَة.
لَا تَنْتَظِرْ ذِي الحِجَّة لِتَبْدَأ، بَلْ اجْعَلْ ذِي القَعْدَةِ مِرْآةَ اسْتِعْدَادِكَ وَإِقْبَالِكَ.

 تَأَمُّلٌ شَخْصِيٌّ: كَيْفَ يُمْكِنُ لِذِي القَعْدَةِ أَنْ يُغَيِّرَ حَيَاتَكَ؟

قِفْ مَعَ نَفْسِكَ وَاسْأَلْهَا: هَلْ أَنَا عَلَى طَرِيقِ اللهِ؟ هَلْ أَسِيرُ نَحْوَ مَغْفِرَتِهِ أَمْ أَبْعُدُ عَنْهُ؟
ذُو القَعْدَةِ يُعْطِيكَ فُرْصَةً لِلتَّجْدِيد، لِتَكُونَ أَفْضَلَ، أَطْهَرَ، وَأَقْرَبَ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ.
اجْعَلْ لِنَفْسِكَ تَحَدِّيًا: اقْرَأْ جُزْءًا يَوْمِيًّا، تَصَدَّقْ سِرًّا، أَوْ صُمْ لِلَّهِ بِحُبٍّ.

 خَاتِمَةٌ 

ذُو القَعْدَةِ لَيْسَ شَهْرًا عَادِيًّا، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَمُرَّ عَلَيْكَ كَغَيْرِهِ.
هُوَ هَدِيَّةٌ رَبَّانِيَّةٌ تَسْتَحِقُّ أَنْ تَقِفَ عِنْدَهَا، وَتَبْنِي فِيهَا صَفْحَةً نَقِيَّةً فِي حَيَاتِكَ.
لَا تُفَوِّتْهُ، بَلْ اجْعَلْهُ بَدَايَةً لِرِحْلَةٍ إيمَانِيَّةٍ تَصِل...

إرسال تعليق

أحدث أقدم
اعلان ادسنس بعد مقالات قد تعجبك

نموذج الاتصال